رحلة مشوقة في عالم الاقتصاد وتأثير الحضارات عليه نحو التطور

الإقتصاد

لفكر الاقتصادي، ليس مجرد علم، وإنما هو مرآة تعكس مدى تطور الإنسان وتقدمه على مر العصور. فمن خلال دراسة الفكر الاقتصادي، نستطيع فهم كيف تطورت العلاقة بين الإنسان والموارد، وكيف أثرت هذه التطورات على الحضارات المختلفة.

تحليل الفكر الاقتصادي يتطلب النظر الى التاريخ الاقتصادي للبشرية، من العصور البدائية، مروراً بالعصور الرومانية والإغريقية، وصولاً إلى العصور الحديثة. وفي كل عصر، كانت للفكر الاقتصادي أدوار محددة، مشكلة المفاهيم والأسس التي ساعدت في تشكيل علم الاقتصاد كما نعرفه اليوم.

الفكر الاقتصادي البدائي

يتجذر الفكر الاقتصادي البدائي في الحضارات الأولى، مثل الحضارة الهندية، الرومانية، الإغريقية، الصينية والعربية. وقد برز في هذه الحضارات العديد من الفلاسفة والمفكرين، مثل أرسطو وابن خلدون، الذين أسهموا بشكل كبير في تأسيس قواعد الاقتصاد. على سبيل المثال، يعتبر الكاتب الاقتصادي شومبيتير أن الباحثين في الفترة بين القرن الرابع عشر والقرن السابع عشر هم الذين ساهموا في تأسيس قواعد الاقتصاد.

الفكر الاقتصادي الكلاسيكي

نجد أن العصر الكلاسيكي كان عصراً ثورياً في تطور الفكر الاقتصادي، حيث كتاب "ثروة الأمم" للفيلسوف الاقتصادي آدم سميث، الذي نشر نظرياته حول العوامل الإنتاجية الأساسية، ووضع مفهوم السوق الذاتي التنظيم، الذي يعتبر الأساس لنظرية السوق الحرة الحديثة.

في النهاية، لا يمكننا فصل الفكر الاقتصادي عن واقعنا الحياتي، فهو عنصر متكامل مع الإنتاج المكاني والزماني، ويجب أن يتطور مع تطور الحياة ليحافظ على أهميته وقيمته.

الفكر الاقتصادي الماركسي

يتجسد الفكر الاقتصادي الماركسي في أفكار الفيلسوف والمفكر كارل ماركس الذي ركز على الإلغاء الكامل للملكية الخاصة للأملاك وعوامل الإنتاج. هذا من خلال حث الطبقة العاملة على التمرد ضد طبقة الأصحاب المال والمسيطرين على عوامل الإنتاج. أطلق على الدولة التي ستنشأ بناءً على أفكار ماركس وثورة البروليتاريا اسم "دولة البروليتاريا الديكتاتورية"، التي تركز على تحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد في الموارد الاقتصادية وشجعت على ظهور الفكر الشيوعي. ومع الزمن، شهد الفكر الماركسي تراجعًا كبيرًا في جميع جوانبه، وأصبح منسيًا بسبب الجهل الذي حكمه والثورات التي شهدتها أوائل الستينات من القرن العشرين، مما أدى إلى سقوط الاتحاد السوفيتي.

الفكر الاقتصادي الكينزي

بناء الفكر الاقتصادي الكينزي يعود إلى نظرية جون كينز، الذي ركز على دراسة كلاً من القطاع العام والقطاع الخاص، المعروفان باسم الاقتصاد المختلط. تباينت أفكار كينز الاقتصادية عن أفكار الاقتصاد الحر، حيث أشاد بالتدخل الحكومي في مجموعة من القضايا الاقتصادية. من خلال نظريته، يرى كينز أن جميع التوجهات المتعلقة بالاقتصاد الكلي تساهم في تحديد السلوك الفردي ضمن الاقتصاد الجزئي. وأثناء الكساد الكبير، انتشر اعتقاد أن الاقتصاد ليس مائلاً نحو التوظيف الكلي الطبيعي وفقاً لمبدأ الاقتصاديين الكلاسيكيين، وأن النظرية الحديثة للتوظيف لا تتوافق مع النظرية الكلاسيكية.

أهمية دراسة الفكر الاقتصادي

ارتبطت أهمية دراسة الفكر الاقتصادي وتاريخه مع طبيعة ونوعية آراء الاقتصاديين، مما أدى إلى انقسامهم إلى مجموعات متعددة. هناك من يرى أنه لا حاجة للدراسة العميقة للفكر الاقتصادي وتاريخه بسبب وجود العديد من الأخطاء فيه. بينما يرى البعض الآخر أنه لا يمكن فهم علم الاقتصاد إلا من خلال دراسة تاريخه.